@j7m.0: في أحياء البصرة القديمة، حيث تُطرّز الأنهارُ الأرضَ خُضرةً، وبيوتُ الطينِ والقصبِ تُناغمُ أصواتَ النخيل، وُلد أحمد مطر عام 1954. نشأ في محلة الأصمعي، التي كانت تُعرف سابقًا بـ"الومبي" تيمُّنًا بالشركة البريطانية التي بنتها. كان يردد وهو يضحك: "من الومبي للومب لي!"، كأنما يُنبئ بمصيرٍ سيقوده إلى المنفى البعيد. عاش طفولةً قاسيةً تحت وطأة الفقر، فقرر الهروب إلى بغداد، ليعيش في كنف أخيه الأكبر "علي" في منطقة الزعفرانية. هناك، في سن الرابعة عشرة، بدأت موهبته الشعرية تتفجر. كانت قصائده الأولى غزلًا رومانسيًّا، لكنّ قصيدته الأولى في الصف الثالث المتوسط — التي بلغت سبعةَ عشر بيتًا — جعلت من حوله يتساءلون: كيف لصبيٍّ صغيرٍ أن يكتب بهذه الروعة؟ لكن الحياة لم تكن رحيمةً به. تعثّر في دراسته، فالتجأ إلى الكتب هربًا من واقعه المرير. ثم جاءت السياسة لتجذبه بقوةٍ إلى دائرة النار. لم يعد الغزلُ يرضيه، فتحوّل إلى الشعر الحماسي، يُحرّض الناس على الثورة ضد الظلم. هكذا ذاع صيته، وهكذا أيضًا دفع الثمن: سُجن في الكوت أثناء خدمته العسكرية لرفضه كتابة قصيدة تمجّد النظام. وفي الزنزانة، كتب: "ويك عني لا تلمني فأنا اللوم غريمي وغريمي بأسي" لم تكن السجون أقسى ما واجهه. فقد شقيقه الأصغر "زكي" في حادث سيارةٍ مفتعل، ثم شُنق شقيقه الآخر "خالد" أمام عينيه. أمه الثكلى، التي ابيضّت عيناها من الحزن، لم تكن سوى جزءٍ من المأساة التي لازمته طوال حياته. الهروب إلى الكويت ثم المنفى في الكويت، عمل محررًا ثقافيًّا في جريدة "القبس"، وهناك التقى برفيق دربه، الفنان ناجي العلي. كان الاثنان وجهين لعملةٍ واحدة: صادقين، ثائرين، لا يعرفان المهادنة. نشر أحمد لافتاته الشعرية في الصفحة الأولى، بينما ختم ناجي الصفحة الأخيرة برسوماته الساخرة. لكن السلطات لم تُرحّب بصوتهما الحر، فنُفيا معًا من الكويت. في لندن، حيث المنفى الأخير، فقد أحمدُ ناجيَ العليّ بعد أن اغتيل برصاصةٍ غادرة. بقي نصفَ ميتٍ بعده، لكنه أقسم أن ينتقم بقلمه. واصل كتابة لافتاته في جريدة "الراية" القطرية بعد أن خيّبته "القبس"، مُصرًّا على أن "الصدق ثورة"، رافضًا أن يكون "أكلةَ جيفة" كغيره. الغربة والمرض في شقته الباردة بلندن، يعيش أحمد مطر اليوم بين ذكرياته وأفراد عائلته الأربعة: علي، حسن، زكي، وفاطمة. المرض صار رفيقه، لكنه يراه نعمةً أبعده عن سماع أخيان الموت في وطنه. يقول: "لم أتجاهل وسائل الإعلام، بل تجاهلت وسائل الإعدام!" يبقى الشاعرُ العجوزُ يشرب شايه، يدخن، ويحدّق في التلفاز حيث وطنه يُذبح على الشاشة. كلّما همّ بالبكاء، توسّل إليه أبناؤه أن يبتعد عن كلّ ما يُذكّره بالألم. لكن كيف له أن ينسى؟ وهو الذي كتب يومًا: "الوطن الذي أخرجني منه لم يستطع أن يخرج مني!" قناتي التلي بالملف بيها كل الصور + الكتابات يوزرها jnral _7 اشوفكم هناك تنوروني 🤍 #احمد_مطر #شعر_شعبي #Sing_Oldies #العراق #iraq