@ui20pe: يا من آمنتم بالله ورسوله، ويا من حملتم راية الحق وأخلصتم لله نياتكم، إن الله تبارك وتعالى قد خصكم بفضل عظيم ومنزلة رفيعة، إذ اختاركم لتكونوا حملة دينه وأنصار شريعته. فالمجاهد في سبيل الله ليس كغيره، فقد وعده الله الأجر العظيم والثواب الجزيل في الدنيا والآخرة. قال تعالى في محكم كتابه: "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة: 111). هذه الآية الكريمة هي وسام شرف لكم، تبين عظم مكانتكم عند الله، فهو سبحانه قد اشترى منكم أنفسكم وأموالكم بثمن لا يقدر بثمن: الجنة. فما أعظم هذا البيع وما أعظم هذا الشراء! ولكن اعلموا أن طريق الجهاد محفوف بالمصاعب والتحديات، ولا يمكن بلوغ النصر إلا بالصبر والثبات. فالصبر هو مفتاح الفرج، والثبات هو سبيل النصر. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الأنفال: 45). فالثبات عند لقاء الأعداء، وذكر الله كثيرًا في كل الأحوال، هما سر الفلاح والنجاح. ولا تظنوا أن النصر يأتي بسهولة، بل يتطلب تضحية وصبرًا ومصابرة. وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران: 200). هذه الآية تجمع لكم وصايا جامعة: الصبر على المشاق، والمصابرة أي مغالبة الأعداء في الصبر، والمرابطة وهي ملازمة الثغور وحفظ الحدود، والتقوى وهي أساس كل خير. بهذه الأمور تجتمع لكم أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة. اعلموا أنكم على الحق، وأن الله معكم، ولن يضيع عملكم وجهدكم. فاجعلوا نيتكم خالصة لوجه الله، وتوكلوا عليه حق التوكل، ولا تيأسوا من رحمته، فإن النصر من عند الله. "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" (آل عمران: 140). فكونوا على يقين أن ما يصيبكم من بلاء أو محنة، إنما هو ابتلاء من الله ليميز الخبيث من الطيب، وليعلم الصابرين منكم، وليتخذ منكم شهداء عنده. فلكل منكم دور في إعلاء كلمة الله، سواء بالنصر أو بالشهادة. امضوا في طريقكم بثبات وعزيمة، مستعينين بالله، واثقين بوعده، فإن الله لا يخلف الميعاد. واذكروا دائمًا أن العاقبة للمتقين.