@al_jamily: الذي يطعن في الإمام الجبل، الناصح الأمين، الشيخ ربيع بن هادي المدخلي – رحمه الله – ما طعن فيه إلا لما ضاقت صدورهم من وضوحه وصراحته، وبيانه الجلي لمنهج السلف بلا تمييع ولا مداراة. ربيع ما خالف سبيل العلماء، وما خرج عن منهج السلف، بل هو حامل رايتهم، وناصر دعوتهم، وقام بما قعد عنه كثير ممن ضعف في الفتن وسكت عند الحاجة للبيان. وما قال كلمة إلا بدليل، وما ذبّ عن السنة إلا ببرهان، وما حذر من مبتدع إلا بعد إقامة الحجة، وما أقر باطلاً قط. فإن أردت الدليل فارجع إلى كتبه وأشرطته، تجدها كلها شاهدة بأنه ما نطق إلا بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وعلى فهم السلف الصالح. فويلٌ لمن طعن فيه بلا علم، وويلٌ لمن أساء الظن به من غير بينة، فإن من أبغض حملة السنة إنما أبغض السنة نفسها، ولو زعم أنه من أهلها. بعض الناس يتجرأ فيسخر من طاعة ولي الأمر، ويستهزئ بالحديث الصحيح: (تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)، ويقولها على وجه السخرية ويطعن قائلًا: "هذا دين الربيع!"، فأقول: بل هذا دين محمد ﷺ، وهذا هو الحديث في صحيح مسلم، لا من تأليف ربيع ولا من اجتهاده، بل هو الوحي المعصوم، والدين الذي بلّغه النبي الأمين ﷺ، وما دعا إليه الإمام ربيع إلا لهذا الأصل العظيم الذي دلت عليه النصوص وأجمع عليه السلف. ثم يأتيك من يقول: "نتبع الفوزان والعثيمين، أما ربيع فلا!" وكأن ربيع أتى بدين غير دينهم، أو منهج غير منهجهم! أو لم يسمع ثناء العلماء عليه؟ أو لم يقرأ تزكية ابن باز، والعثيمين، والفوزان، واللحيدان، والعباد، والنجمي، وغيرهم له؟ كل هؤلاء زكّوه وأثنوا عليه، وقالوا إنه من العلماء الراسخين، فما بال القوم يفرقون بين من اتفق على الأصل والسنة والمنهج؟ إنها الأهواء، والله، ما أبغضوه إلا لأنه فضحهم وكشف انحرافاتهم، وسمّى الأمور بأسمائها، وما سكت لما سكت غيره، بل بيّن للناس خطر الحزبيات، والسرورية، والقطبية، والتكفير، والثورة، وكل فساد ينسب زورًا إلى الإسلام. الشيخ ربيع – رحمه الله – لم يكن يدعو إلى حزبه ولا إلى شخصه، بل دعا إلى السنة، وتمسك بالوحي، ونصر الدين، وأحيا منهج السلف، وصبر على الأذى، وثبت لما تزعزع غيره، وبقي شامخًا لا يُغيّر ولا يُبدّل، فلم يُعرف له تلون، ولا انتكاس، ولا مداهنة، ولم يوالِ على الأشخاص بل والى على السنة، وعادى لأجلها، فكان بحق غصة في حلوق أهل البدع، وفضيحةً لأرباب التلبيس، وسيفًا على رقاب الحزبيين. فالذي يطعن فيه بعد هذا كله، لا يُطعن في ربيع فحسب، بل يُطعن في السنة التي دعا إليها، وفي العلماء الذين زكّوه، وفي المنهج الذي سار عليه، وإن زعم أنه على طريقة الفوزان والعثيمين. لأن منهجهم واحد، وطريقهم واحد، ودينهم واحد، فمن فرّق بينهم فقد ضل، ومن قدّح في أحدهم دون الآخر فقد اتبع الهوى، وتنكب الجادة. رحم الله الإمام ربيع، ورفع درجته، وجزاه عنا وعن الإسلام خيرًا، وثبّتنا الله على طريقته، فهي طريقة النبي ﷺ، وطريق الصحابة، وطريق أئمة الهدى، لا كما يزعم أهل الهوى والخصام، الذين ما ازدادوا بطعنهم إلا سقوطًا، وما ازداد ربيع بطعونهم إلا رفعةً وصدقًا.