:عيناكِ ليستا مجرد ملامح، إنهما وطن من سحر، لغة لا تُترجم، صدق لا يُكذب، واعتراف لا يحتاج إلى حروف. في عينيكِ يختصر العمر، ويتسع الكون، وتنطفئ الحيرة، ويولد اليقين. كلما نظرتُإليهما، شعرت أني أغرق في بحر لا شاطئ له، وأني أغدو أسيرًا راضيًا بالقيود، سعيدًا بالضياع، فالغرق فيهما نجاة، والتيه بين موجهما خلاص.
في عينيكِ قصائد لم تُكتب بعد، وأغانٍ لم تُغنّ، وأسرار محفوظة في عمق الغموض. هما مرايا تكشف ضعفي وقوتي معًا، تجعلني طفلًا حين أفتش عن الأمان، ورجلًا حين أشتعل بالشوق. فيهما نار تحرقني لذة، وفيهما دفء يهديني طمأنينة، فأنا بين جمر ولهيب، وبين نسيم وسلام، وأُقسم أني لا أريد إلا البقاء فيهما.
عيناكِ تحملان قدرة غريبة على هزيمة العالم، بنظرة تسقط الأقنعة، وتنهار الجدران، وتُكتب الحكايات من جديد. وحين تغيبان، يرحل الضوء من النهار، ويصير الليل أطول، وتغدو الحياة ناقصة، كأن العالم فقد قلبه. غيابهما غياب للفرح، حضورهما حضور للكون كله.
يا أجمل لغة وأصدق اعتراف، يا قصيدة خالدة لا يقدر الزمن أن يطويها، يا سرًا أكبر من الشعر وأجمل من الوصف، لو اجتمع الشعراء على مرّالعصور، لما كتبوا إلا سطورًا من بريقهما، ولما اكتفوا إلا بالحلم أن يغرقوا فيهما كما أغرق أنا الآن. عيناكِ هما ملحمتي، قصيدتي، ووطني الأبدي."