@fhtpl: َحَثتُ عنكَ في كُلِّ ملامحٍ صادفتُها، كأنَّ وجوهَ الناس مرايا أفتِّشُ فيها عن طيفكَ. كُنتُ أفتّشُ عنكَ في عيونِ الغرباء، وأُصغي لصوتٍ يُشبهُكَ بين الزحام. كلّ ابتسامةٍ غريبةٍ كانت تُذكّرني بك، فأقفُ عندها طويلاً كأنّي ألتقطُ أثرًا من حضورك. كُنتَ تسكنني رغم غيابك، كأنّني أحملُكَ في داخلي أينما رحلتُ. كُلُّ مساءٍ كان يحملُ إليّ وجهَكَ من بين الغيوم، يُطلُّ عليّ كنجمةٍ لا تخبو. كنتُ أراكَ في انعكاس الماء، في ضوء القمر، وفي سكون الليل الطويل. وحين يمرُّ العابرون، أجدُ شيئًا منك يلوح في خطاهم، في أصواتهم، في ملامحهم العابرة. لم تكُن مجرّد ذكرى، بل كُنتَ يقينًا يسكنُني، وجُرحًا يضيءُ روحي. أبحثُ عنكَ في القصائد، في الحروف التي يكتبها الشعراء ولا يُدركون أنّها عنك. أفتّشُ عنكَ في الأغاني، في ارتعاشةِ صوتٍ يُشبه وجعكَ الجميل. كلّ الأماكن باتت خالية إلا منك، وكلّ الطرقات تقودني إليكَ وإن ابتعدت. حملتُ طيفَكَ في العيون، فصار كلُّ وجهٍ أراه يحملُ شيئًا منك. كنتَ الملاكَ الذي يرافقني، وإن غِبتَ عنّي بالجسد، حضرتَ بالرّوح. ما أصعب أن تبحث عن شخصٍ واحدٍ في ملايين الوجوه، ولا تجده إلا في قلبك. ما أقسى أن ينام العالمُ أجمع، وتبقى أنتَ وحدكَ تفتّش عن دفءٍ غائب. كنتَ الغائبَ الحاضر، كنتَ الحُلمَ الذي لا يغادرني. كلّ لحظةِ شوقٍ كانت تكتبك قصيدةً بلا حروف. كلّ دمعةٍ كانت تنادي اسمك في صمتٍ خجول. كنتُ أُحادثُ صورتك في المرايا، وأبتسمُ لخيالك في الطرقات. أبحثُ عنك حتى في داخلي، كأنّي فقدتُ نفسي بفقدانك. أنتَ الغائب الذي يملأُ الفضاءَ حضورًا، والحاضر الذي يترُكني جائعًا إليك. أحملُكَ في صمتي، في ضحكتي، في كلِّ ما لا يراهُ الناسُ منّي. يا مَن جعلتَ العيون وطنًا، والغياب قدرًا، والحُبّ ابتلاءً جميلًا. بَحَثتُ عنك في الوجوه، فوجدتُكَ في قلبي، حيث لم تفارقني يومًا. وأيقنتُ أنّ مَن يسكنُ الروح لا يغيبُ أبدًا، ولو غابَ الجسدُ عن العيون. #خاطره #شعر #عبارات #وعي #fyp