@shahdii091: السادس من اكتوبر 2025 في قرية جبلية تتكئ بيوتها على سفوحٍ شاهقة وأمام كل بيت كلاب صامتة تحرس الأبواب كجنودٍ حزينين، لا يعرفون الابتسام، ولا يسمحون للفرح أن يعبر العتبة استيقظت عند بزوغ الفجر كعادتي، ذلك الوقت الذي تصير فيه الدقيقة اطول من اي شعور آخر وترتدي الأرض وشاح الضباب وتهمس السماء بألوانٍ باهتة من الأمل كنت أرتدي لباسًا أسود خفيفًا يعض البرد أطراف جسدي ليس لأن الجو بارد فالوادي حارٌّ بطبعه لكن أرضية المنزل باردة،وأجهزة التكييف لا تعرف معنى الرحمة بعد صلاة الفجر غادر إخوتي إلى مدارسهم،وعادت العائلة إلى سباتها أما أنا فجلست أرتب مذكراتي وكتابًا كنتُ أنوي قراءته ولم أفعل واكتفيت بأن ألتقط له صورة صنعت قهوتي وقطعة حلوى من بقايا الأمس وسرت نحو الخارج، حيث كانت الشمس تسدل خيوطها السحرية على الجبال،والعامل يقود غنمه في صفوفٍ منتظمة، كأنها أبيات شعرٍ تمشي على الأرض كانت العصافير تزقزق وكأنها تحييني إذ تعلم أنني لا أخرج قبل الشروق إلا نادرًا وهناك على صخرةٍ أسفل الجبل وجدت “مملوح” قطي الصغير ينتظرني كحارسٍ يعرف موعد حزني وفرحي جلست أتأمل الوادي أرى الجميع ولا يراني أحد. كل منهم يسعى إلى رزقه وأنا أسعى إلى شيءٍ لا يُشترى… إلى الشعور بأنني حية كانت الشمس دافئة، تملأني بالطمأنينة،ثم ما لبثت أن تحولت إلى نارٍ تلسع جلدي تمامًا كما تحول أحدهم يومًا من ظل ألوذ به إلى شمسٍ أهرب منها عدت مسرعة إلى المنزل ولم يشعر بغيابي أحد ولم يفتقدني صوت ارتديتُ مئزري الذي لا فائدة منه فمهما احترزت تنتهي المعركة بوجهي الملطخ بالكريمة ورموشي التي تشهد على التعب بدأت أعجن العجين بيدين مرتجفتين أراقب كيف يتحول البرود إلى دفء، وكيف يُولد من الدقيق حياةٌ مؤقتة على شكل كعكة أضع فوقها قليلًا من الكريمة وكثيرًا من الحب فكل كعكة هي رسالة صغيرة أبعثها للعالم " أنا هنا ما زلتُ أخلق الفرح من فتات الوقت” تسلل السدف إلى المطبخ وصوت طلال مداح يتهادى في المكان: “كيف النجوم تقدر تفارق ضياها؟ كيف القلوب تنسى ليالي هواها؟” فأردد معه في صمت كيف للبشر أن يفترقوا بعد التحامٍ عميق؟ كيف يُصبح حبيبُ الأمس غريب اليوم؟ كيف تنطفئ نارُ الشوق كأنها لم تكن؟ غرقتُ في التساؤلات حتى غمرني الضوء، وإذا بالشمس قد بلغت كبد السماء نزلت من الطابق الثاني منهكة لم تبق بقعة في جسدي إلا ووشمتها الكريمة فألقيت بجسدي المرهق على السرير حتى أيقظني صوت والدي لصلاة العصر: “ذا يبغي امرحله يركب ماني متوحي حدو!” بعد أسابيع من الإنهاك قررنا أن نكافئ أنفسنا بنزهةٍ عائلية نعيش تحت سقفٍ واحد،لكن لكل منا عالمه الذي يبتلعه كانت النزهة وعدًا بالعودة إلى بعضنا تنفسًا من رئة الحياة المزدحمة لم نذهب بعيدًا ولم نزر مكانًا ساحرًا كما وعدنا أبي بل صعدنا إلى أعلى الوادي فقط لكن هناك حيث لا ضوضاء ولا أضواء سوى ضوء القمر كنا نحن فقط بقلوبٍ طافحةٍ بالحب تضيئها نجومٌ تعرف أسماءنا هناك أدركتُ أن وادي العطف لا يشبه سواه وأنه يحمل من الشعر ما يفوق القصائد ومن الحنين ما يفوق الأوطان أحيانًا من فرط حبي له تغمرني رغبةٌ مجنونة في أن أضم الجبال إلى صدري وأقبل الصخور كأنها وجوهٌ لأحبتي الغائبين تحت ضوء القمر جلسنا صامتين النجوم تتدلى مثل مصابيح الدعاء والريح تعزف الحانًا على أغصان الأشجار تمنيت أن يتوقف الزمن هناك أن يظل الوادي يهمس لنا بالأمان وأن لا ينتهي هذا المساء الذي غسل قلوبنا من تعب الأيام - شهد الحياني #تهامة_قحطان #السعودية🇸🇦🇸🇦🇸🇦 #الجنوب #foryou #fyp