تكلمنا في البوست السابق عن اول خطوة لشفاء جهازك العصبي و أهمية الوعي بالمعتقدات الغير الآمنة و أثرها على جهازك العصبي. ولنكن واقعيين، إذا كان جهازك العصبي غير منظم جدًا، فقد تكون لديك الكثير من المعتقدات مثل هذه. وهذا لا بأس به. فقط تذكّر أن الشفاء الحقيقي وإعادة التوصيل الحقيقية تستغرق وقتًا، ومن الجيد أن تأخذ الأمر معتقدًا واحدًا في كل مرة. الخطوة الثانية: اخلق الأمان من خلال أفعال صغيرة معاكسة. إليك المفتاح: أنت لا تغيّر المعتقد فقط بالتفكير بطريقة مختلفة. ذلك المعتقد يتغير بالكامل في جسدك عندما تختبره بطريقة مختلفة. جهازك العصبي يقوم بتحديثات مستمرة بناءً على ما تمر به وتعيشه، وليس بناءً على ما تفهمه ذهنيًا. لهذا السبب، إذا مررت بفترة في حياتك كانت أكثر توترًا أو أكثر صدمة، فإن جهازك العصبي يتأقلم، وتتغير تلك المعتقدات تبعًا لتلك التجارب. لذا علينا أن نعيده إلى حالة الحياد. بمجرد أن تحدد المعتقد الذي يُبقيك عالقًا، تكون خطوتك التالية هي أن تسير بلطف عكسه، بطرق صغيرة يمكن التحكم فيها. فكّر في الأمر كأنها “تمارين صغيرة للجهاز العصبي”. إليك بعض الأمثلة: إذا كنت تؤمن بأن الراحة ستجعل عالمي كله ينهار، فجرّب الجلوس فقط لعشر دقائق دون أن تفعل شيئًا على الإطلاق. لا هاتف، لا تمرير، لا مهام متعددة — فقط راحة. إذا كان اعتقادك هو أن قول لا سيجعل الناس يرفضونني، فابدأ بـ “لاءات” صغيرة: “لا أحتاج إلى إيصال، شكرًا.” “لا، أنا بخير.” “لا، لا أستطيع فعل ذلك.” ثم تدرّج ببطء لتقول “لا” في العلاقات وفي المواقف التي تهمك. إذا كان اعتقادك هو أن الخلاف يعني الهجران، فجرّب مشاركة تفضيل بسيط مثل: “تعرفين؟ في الواقع، أفضل الطعام الإيطالي على السوشي.” خالف بلطف شخصًا تثق به. أثبت لنفسك أنه من الآمن أن تتمسك برأيك، وأن حياتك لن تنهار. الهدف هنا ليس أن “تتجاوز” الأمر بالقوة، بل أن تشعر بالأمان الكافي وأنت تفعل شيئًا يتحدى المعتقد، حتى يتمكن جهازك العصبي من ملاحظة: “مهلًا، ذلك الشيء الذي كنت خائفًا منه… لم يحدث.” وهذا الجزء مهم: أنت لا تحاول دفع نفسك إلى انزعاج مفرط. ما عليك فعله هو إيجاد النقطة المثالية، حيث يكون الأمر غير مريح قليلًا، لكن لا يزال تحت السيطرة. إذا بدأ جسدك بالذعر والتوتر، فقد ذهبت بعيدًا جدًا. هنا يبدأ “إعادة التوصيل” الحقيقية — ليس مجرد التفكير بفكرة جديدة، بل اختبار تجربة جديدة ونتيجة جديدة. وعندما يختبر جهازك العصبي شيئًا جديدًا، ويرى أن الشيء الذي كنت تخاف منه لم يحدث، عندها تبدأ تلك المعتقدات العميقة حول الأمان بالتحول ببطء. الخطوة الثالثة : هذه الخطوة حاسمة في عملية إعادة برمجة المعتقدات. لأنك تتذكر كيف قلت أنك لا تريد أن تدفع نفسك إلى انزعاجٍ مفرط؟ إليك ما أعنيه. حسنًا، إذا كان لديك معتقد يضعك في وضع البقاء أو الذعر، فلنأخذ مثالًا شائعًا: الخوف من التحدث أمام الجمهور. إذا أجبرت نفسك على إلقاء خطاب أمام 5000 شخص مباشرة تحت أضواء ساطعة، فإنك ستُفعّل قدرًا هائلًا من الخوف والانزعاج. وحتى لو خرجت من ذلك الخطاب حيًا، وكنت بخير، فإن جسدك وجهازك العصبي سيُسجل تلك التجربة على أنها مرهقة وصادمة. وسيعزز ذلك الاعتقاد بعبارة: "نعم، التحدث أمام الجمهور أمرٌ خطير، لأنني أتذكر كيف شعرت وأنا أقف هناك، وكان ذلك مرعبًا." إذن، هذا ما أعنيه: عليك أن تدفع نفسك خارج منطقة الراحة، ولكن ليس بطريقة مرهقة أو صادمة. فإذا كنت تخاف من التحدث أمام الجمهور، ابدأ بالتحدث في عشاء جماعي كبير مع أصدقائك، حيث تقف وتلقي نخبًا بسيطًا لمدة عشر ثوانٍ فقط. لا يزال الأمر مخيفًا قليلًا، على الأرجح، لكنه قابل للتحمل. تريد أن يكون جسدك قادرًا على القول: "لقد تحدثت بصوت عالٍ، ولم يحدث شيء فظيع. الناس لم يرفضوني. لم أمُت من الإحراج. لم تكن تجربة صادمة. في الواقع… كانت ممتعة نوعًا ما. أنا سعيد لأنني فعلت ذلك." هذه هي النقطة المثالية: غير مريح بما يكفي لتحدي المعتقدات الأولى، لكن منظم بما يكفي بحيث لا ينهار جهازك العصبي، ويمكنه أن يتعلم من التجربة بدلاً من أن يغلق استجابته بسببها. تبقى من السلسلة خطوتين سأشرحها في البوست القادم. احفظ البوست و تابع حسابي للمزيد. #التشافي #الحب #الامان #الجهاز_العصبي #الوعي - @dramani.noor