@walidfitaihi6: ن وحيّ قرآن الفجر. فجر رقم (٧١) الأربعاء ٢٣ ربيع الآخر ١٤٤٧ هـ الموافق ١٥ أكتوبر ٢٠٢٥ م ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 29] لوحةٌ فلسفيةٌ بديعة يرسمها القرآن، تختصر رحلة الإنسان بين التمزق والوَحدة، بين من تتنازعه الأصوات في داخله، ومن سلّم وجهه لله، فاستراح قلبه وسكنت جوارحه. الأول يعيش عبوديةً مبطّنة؛ عبدًا للمال حينًا، وللشهوة حينًا، وللناس أحيانًا. كعبدٍ تتجاذبه أيدٍ كثيرة، فلا يعرف لنفسه قرارًا. أما الثاني، فهو العبد الحرّ، الذي سلّم قياده للواحد الأحد، فوحّد نيّته، وغايته، ووسيلته، فانعتق من كلّ صنمٍ سوى الله. قال المفسرون: هذا مثلٌ للموحّد والمشرك. لكن وراء ظاهر التفسير سرٌّ أعمق: فالموحّد لا يوحّد ربَّه فحسب، بل يوحّد ذاته، يجعل لكل طاقاته اتجاهاً واحداً، فيحيا بانسجامٍ داخليٍّ لا يعرفه الممزّقون. إن التوحيد ليس لفظًا يُتلى، بل هندسة وجودٍ كاملة، ترسم مدار حياتك حول مركزٍ واحد، هو الله — البداية والغاية، الطريق والمقصد. فلسفيًّا، الآية تكشف سرّ العافية النفسية: أن تتوحّد قواك المتناثرة في قبلةٍ واحدة. ودينيًّا، هي نداءٌ أن تكون حياتك كلّها سَلَمًا لِرَجُلٍ — سلَّمًا لله في نيتك، وفي وسيلتك، وفي سعيك. وحينها فقط يتحقّق السلام الحقّ: سلامٌ بين الجسد والروح، بين العقل والإيمان، بين الإرادة والمصير. في النهاية، ليست العبادة انحناءةَ جسد، بل استقامةَ روحٍ عرفت مركزها. من وحّد الله، استراح من نفسه، ومن تفرّق قلبه، ضاع في مراياه. وما السكينةُ إلا أن ترى وجهك في وجه الله، فلا ترى في الوجود إلا هو — الواحدُ الذي إليه تعود الأشياء وليد أحمد حسن فتيحي الأربعاء ٢٣ ربيع الآخر ١٤٤٧ هـ الموافق ١٥ أكتوبر ٢٠٢٥ م

Walid Fitaihi

Open In TikTok:

Region: SA

Wednesday 15 October 2025 04:31:24 GMT