@faris_fha: بسم الله الرحمن الرحيم إشراقة العارف قال أمير المؤمنين ﷺ لكُميل: في بيان الحقيقة حتى وصل الى قوله «أطفِئِ المصباح، فقد أضاء الصباح.» كلمةٌ تختصرُ الطريق كلّه، من الظلّ إلى النور، ومن الحرف إلى الحقيقة. الفكرُ مصباحُ الليل، يهدي في ظلمات الغيبوبة الوجودية، لكنه يظلّ نورًا محدودًا يُستعار من العقل، لا يُستمدّ من الروح. وظيفةُ هذا المصباح أن يُرشدك إلى الفجر، لا أن يحجبك عنه. فإذا لاح الصباح، كان إبقاء المصباح اشتغالًا بغير الله في حضرة الله. يا كُميل، حين يشرق الصباح، لا معنى للضوء الصغير. فالمصباحُ يريكَ الأشياء، أمّا الصباح فيريكَ الوجودَ نفسَه. المصباحُ يُضيء لك الطريق، أمّا الصباح فيُذيب الطريق في النور. المصباحُ يحتاج إلى زيتٍ ليحيا، والصباحُ حياةٌ لا تُستمدّ من شيء، بل تُفيض على كل شيء. فـ«أطفِئ المصباح» ليست دعوة إلى تعطيل العقل، بل إلى تجاوزه حين يبلغ غايته. إنها لحظة الانتقال من المعرفة العقلية إلى المعرفة الشهودية، من الفكر الذي يرى بعينه، إلى النور الذي يرى بنفسه. حين يُشرق نور القلب، لا يعود الفكر مرشدًا، بل يصير تلميذًا في مدرسة النور. ذلك هو مقام العارف، حيث تنطفئ كلّ الأنوار الجزئية في إشراق الواحد الأحد. لا ليلَ هناك، ولا فكرَ هناك، بل حضورٌ مطلق يذوب فيه السؤال والجواب. حينها يفهم السالك أن الحقيقة لم تكن بعيدة، ولا غائبة، بل كانت ساكنةً في أعماقه تنتظر أن يصمت المصباح ليُسمَع صوت الصباح. فأطفئ مصباح العقل حين يطلع صباح النور، واتركْ فكرَك، وادخلْ بنورِك. فما كنتَ تبحث عنه في الكتب والخواطر، كان منذ البدء فيك، ينتظر لحظة الصمت ليُشرق.

faris

Open In TikTok:

Region: IQ

Sunday 09 November 2025 15:11:31 GMT