@op._rk: المعجزة على ضوء ميتافيزيقا ونهج الصدر ومادية الطبيعة لسبينوزا لطالما كانت إشكالية المعجزة من المنظور العلمي والتاريخي قد شغلت الفكر الإنساني على عموم البشرية، وقد تم إيراد تفسيرات كثيرة ومتطرفة بحق المعجزة، فضلاً عن بروز التيارات الفكرية المادية والميتافيزيقية لأجل تفسير حدوث المعجزة، فما كان للتيارات الفكرية إلى لوضع منهج فلسفي صحيح ومنطقي لتفسير ظاهرة المعجزة المذكورة في الأديان على مر التاريخ والعصور. الإشكالية الرئيسية هي: هل إن المعجزة ظاهرة مثبتة علميًا؟ أم هي ظاهرة غير ذات تفسيرات طبيعية؟ أم مجرد أساطير نقشتها الطوطمية (الوثنية) والأديان عبر التاريخ، حيث ينطلق الفيلسوف العراقي الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر، من المنهج العلمي للبحث في تاريخ وحقيقة المعجزة¹، فينطلق من المفاهيم التحليلية للمعجزة ومعرفة العلاقة الطبيعية بينها وبين القوانين الكونية التي تحكمها المادة. فيفسر الإعجاز بحسب القوانين الطبيعية أو التكوينية بتفسير مختلف عن التصور العام لها، حيث يرى أن بعضها تغيير في بعض القوانين الطبيعية ضمن نطاق الكون وليس خرقًا للقوانين الطبيعية للكون، وسنوضح أكثر بالتالي،فإنه يستدل على ذلك بأن التغيير الطبيعي في قوانين الكون المادية يجب أن تكون خاضعة للتفكير العلمي أو المنطقي، وكذلك بالنهج الميتافيزيقي؛ ليخط الصدر تفسيرين علميين عن المعجزة: التفسير الأول: هو التفسير العلمي الذي يراد منه تغييرًا بسيطًا كان أو كبيرًا في القوانين الطبيعية التي تحكمها المادة في الكون، حيث يرى الصدر أن هناك طريقان علميان لتفسير الإعجاز العلمي، أحدهما: التفسير العلمي المعتاد والمتعارف عليه في الأوساط العلمية. وآخرهما: هو التفسير العلمي الذي لم تحِط به الأوساط العلمية، أو لم تُعنى بتفسيره بشكل كافٍ بأن يسد ثغرة تفسير الإعجاز. وترد نقطة بشأن هذا التفسير، وهي: أنه توجد أحيانًا استثناءات في القوانين الطبيعية للمادة، التي يعتقد الغرب بأزليتها وقيامها بذاتها. أو قل: هو وجود احتمالات وأساليب لمعرفة تفسير سبب تغير القانون الطبيعي في مسألة الإعجاز لمنطقة خاصة من القوانين العلمية. ونحن هنا لا نقصد التغيير الكلي أو الجذري للقانون الطبيعي للظاهرة الكونية المعينة، وإنما نقصد تغير جزء من خصائص هذه الظاهرة الكونية ليظهر لنا إعجازًا تفسيريًا أو علميًا. وبالتالي فإن خلاصة هذا التفسير: أن الإعجاز هنا هو التفسير العلمي غير المعهود للظاهرة الكونية. التفسير الثاني: هو التفسير العلمي المتداخل مع المبادئ الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) فضلاً عن المحافظة على القوانين المادية. عندما نتعمق في نظرية المعرفة يمكننا إيجاد نظريات معرفية أو معارف لا نستطيع إدراكها بالحس أو بالتجربة، وإنما يجب دخول تفسير خارج عن القوانين المادية. فيرى بوجود عالمين أو نظامين متكاملين ومختلفين من ناحية القوانين والتأثير الناجم عنها، وهي: القوانين المادية والقوانين الروحية كما يسميها. حيث يرى أن هناك من الأمور الإعجازية التي يستحيل أن تصدر من خلال التغيير في جزء من القوانين الطبيعية للمادة وإنما يوجب تدخل قوى خارجية خفية غير محسوسة بالمادة ولا بالتجربة، وهي القوانين الروحية. فمثلاً: المعجزة العلمية للنبي محمد (ص) هي معجزة تطلبت تدخل قوى روحية لأجل تحقيق الإعجاز العلمي مع المحافظة على القوانين الطبيعية، فإن الرسول لديه مكانة روحية عالية عند الله، والله هو السلطة العليا على المخلوقات والبشر وكل شيء، فقامت القوانين الروحية بالالتحام لفترة وجيزة مع القوانين الطبيعية المادية لتحقيق المعجزة العلمية وهي انشقاق القمر. وهنا يرى محمد الصدر أن القوانين الطبيعية لا يمكنها السيطرة على القوانين الروحية، بينما القوانين الروحية يمكنها السيطرة على القوانين المادية. وأوضح هذا الفيلسوف أن هناك من الأمور الإعجازية ما لا تحتاج إلى تدخل القوى الروحية، وهي مكتفية لتحقيق إعجازها بالقوانين المادية فقط. وأن هناك أمورًا مادية لا يمكنها أن تتحقق بذاتها، إلا من خلال إرسال قوى روحية غير مدركة بالحس، نحو معركة بدر في التاريخ، حيث نصرهم الله بإرساله جندًا من القوى الروحية التي تؤدي لتحقيق النصر المادي، وإحقاقًا للإعجاز. قال تعالى:وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ | إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ | بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ»². التكمله بالتعليقات 👇 #تراث_السيد_الشهيد_محمد_محمد_صادق_الصدر #تراث_ال_الصدر_الكرام
اعتقد ان كلمات السيد بمنضور فلسفي متداخل علميا وان النضرة الفلسفية التي اسسها منطقية هي اعمق وادق بكل تفاصيلها،
2025-12-05 14:19:48
0
كفيبتنبيل هقسانماغ :
السلام على آل الصدر الكرام
2025-11-28 20:39:33
0
تراث السيد الشهيد محمد الصدر :
بقي علينا أن نشير لنقطة معينة، وهي أنه يرى أن القوانين الروحية عند هذا الفيلسوف على الرغم من تدنيها مع أجناسها إلا أنه يراها أعلى من القوانين المادية بأي شكل من الأشكال.
أما بالنسبة للفيلسوف الكبير باروخ سبينوزا، فإنه يملك تصورًا ماديًا وعلميًا بحتًا يتجاوز حدود المعقول، فهو يرى أن الإعجاز هو ظاهرة علمية وطبيعية لكنها ذات تفسير مختلف عن التفسير المعتاد.³
حيث يرى سبينوزا أن الله هو بذاته متجليًا في الطبيعة، وأن القوانين والأوامر الإلهية هي القوانين الطبيعية في الكون، فهو يقول باستحالة مخالفة القوانين الطبيعية علميًا بأي شكل من الإشكال، وهنا ينفي التصور الذي يقول بأن الإعجاز هو الظاهرة التي تكون خارقة للطبيعة، فهو يرى أنه لا يمكن معرفة المعجزة من باب التفسير العلمي المعتاد. ورأيه أن الإعجاز الخارق لقوانين الطبيعة إنما هو من النصوص الدينية مثل الكتب المقدسة لليهود والمسيح وغيرها من الأديان.
ويحاول نفي الإعجاز الخارق لقوانين الطبيعة من خلال تصوره الذي يقول بمحدودية قوة المعجزة، وبالتالي سوف تجعله يشك بالله -في نظره- لأن قدرة الله لامتناهية وهي متجلية في الطبيعة، وبالتالي فلا يمكن للإعجاز أن يخالف قوانين الطبيعة لما يستلزم من تناقض فلسفي وتكويني.
ويقدم تصورًا آخر، وهو محاولة إيجاد التفسير العلمي الصحيح من وجه آخر لهذه الظاهرة الإعجازية.
الهوامش:
(1) رسائل ومقالات، السيد الشهيد محمد الصدر، الجزء الأول، ص145 – ص160
(2) سورة آل عمران: الآية 123 – 125
الهوامش
(3) باروخ سبينوزا، رسائل في اللاهوت والسياسة، ص213 – ص233
2025-11-20 17:33:51
0
To see more videos from user @op._rk, please go to the Tikwm
homepage.